اليونسكو في عيدها السبعين - محاور العمل المستقبلي
وعلى رغم التسليم بأهمية كل ما نادى به القادة والرؤساء من ضرورة توفير الموارد المالية للمنظمة وإرساء قواعد الإدارة الرشيدة والحوكمة، إلا أنني أرى أن مستقبل دور المنظمة لا يقف عند تنفيذ هذه الحلول والمقترحات فحسب، وإنما علينا أن ندعم عملها المستقبلي من خلال محاور عدة يقع عبء تنفيذها على الدول الأعضاء والأمانة العامة حتى تتمكن المنظمة من أداء دورها لتواكب متطلبات العصر، ولعل أهم هذه المحاور:
(1) أن نترجم إيماننا بأن «العالم تغير» إلى برامج عمل جديدة تثبت من خلالها المنظمة الوعي الكامل بالتحولات وما تفرضه من تحديات يواجهها العالم وتحتاج إلى طريقة مختلفة للتعامل معها. فالتحديات التي كان العالم يواجهها في منتصف القرن الماضي - عندما لم يكن جهاز التلفزيون معروفاً للناس – تختلف شكلاً وموضوعاً عن تحديات اليوم، فسرعة تبادل الأفكار وتداولها عبر أجهزة نحملها في اليد متجاوزة فى ذلك الحدود السياسية كافة بل جدران المنازل، تحتاج حقاً إلى إعادة نظر في برامجنا وتفرض علينا طرقاً جديدة للتعامل مع تحديات اليوم.
(2) المحافظة على الطابع الفني لعمل المنظمة وعدم الزج بها في المشكلات الدولية ذات الطبيعة السياسية، فيجب أن نجنب المنظمة الدخول كطرف في المشكلات السياسية التي تتصل بمجالات عملها، وأن نحرص على أن يكون دورها فنياً فقط تجنباً لشق الصف، والسعي لأن نستفيد من هذا الكيان الدولي لتحقيق التعاون الفكري وتجاوز الخلافات السياسية بإيجاد أرضية مشتركة للتفاهم ومساحات للتعاون العلمي والثقافي بغية تضييق هوة الخلاف بين الشعوب.
(3) العمل وفي شكل جاد لوضع برامج تهدف إلى مواجهة التأثير في الشباب وحمايته من الأفكار المتطرفة التي تفرض نفسها عليه من خلال استخدام شبكة الإنترنت والوسائل التكنولوجية المتقدمة. وعليه، يجب أن توجه برامج المنظمة في ما يتعلق بمجال التربية والثقافة والإعلام، إلى بناء سياج للحماية الذاتية للشباب، وتوفير جميع المعلومات لتأهيله لفهم الآخر من دون الوقوع في براثن الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
(4) العمل على تضييق مساحة الهوة الثقافية والتعليمية بين الدول، بما يسمح بفتح قنوات للتعاون العلمي والبحثي بين الدول لتقليل حالات هجرة العقول من طريق توفير البيئة العلمية والبحثية للمجتمعات كافة. علاوة على ذلك، تشجيع تأسيس شبكات للتعاون البحثي على المستوى الإقليمي مثل أفريقيا وأميركا الجنوبية والمنطقة العربية وغيرها، للاستفادة من تجارب بعضنا بعضاً، بما يقلل تكاليف البحث العلمي الطائلة.
(5) الاهتمام، من خلال برامج العلوم، بتقديم المساعدة الفنية والعلمية لدول الجزر الصغرى التي تواجه أخطاراً بيئية غير مسبوقة، وأن تساعد الدول التي تواجه خطر التصحر وندرة الموارد المائية. كما يجب أن تولي المنظمة الاهتمام من خلال برامج العلوم بالموضوعات ذات الصلة بتوليد الطاقة، خصوصاً الطاقة النظيفة والمتجددة، للاستجابة لمتطلبات التنمية للكثير من الدول.
(6) السعي لأن تكون المنظمة ملتقى للمثقفين والمفكرين والمبدعين والفنانين والأدباء والعلماء والخبراء، بما يمكنها من أن تكون بؤرة التنوير والعلم على مستوى العالم، ويشجع الإبداع وإيجاد الحلول المبتكرة للمشاكل التي يواجهها العالم في شكل يومي.
(7) ضمان مشاركة الشباب في أنشطة المنظمة وإعداد برامجها المستقبلية في مجالات عملها، وأن يوجه الاهتمام بتوظيف الشباب في سكرتارية المنظمة، حيث ترى من خلاله احتياجات الشباب على مستوى العالم، وبالتالي تكون منظمة قادرة على مخاطبة جميع الفئات بما يتناسب وطريقة تفكيرها وبما يساهم فى تحقيق طموحاتها مستقبلاً.
(8) ضرورة العمل على جذب الشركاء غير الحكوميين والقطاع الخاص، للمساهمة في وضع برامج المنظمة وتنفيذها، والعمل على توفير المالية المناسبة لذلك من مصادر خارج الموازنة.
(9) تعميق ثقافة التعددية ومواجهة الأفكار الهدامة التي تسعى إلى فرض فكرة أو تغليب ثقافة ما، على حساب الأفكار والثقافات الأخرى، وأن تسعى المنظمة من خلال أنشطتها لتبرهن للعالم أن التعددية واختلاف الرؤى هما مصدر للإثراء الفكري وليسا مصدراً للنزاع بين الشعوب.
Key Themes: اليونسكو في عيدها السبعين
Date : 2015-Dec-23